بعد الفيلمين الخالدين cinema paradisoو malena اتحفنا Giuseppe Tornatore سنة 2013 بفيلمه the best offer الذي يدور في عالم التحف ويحكي قصة "فيرجل" بائع مزاد علني مشهور لديه خبرة واسعة في تمييز القطع الأصلية والمزورة بنظرة عين واحدة، لدى "فيرجل" طباع غريبة؛ فهو وقور لا يخالط أحداً، ولا يعبأ بالآخرين، يفضل العيش وحيدا مع حبيباته اللاتي يتمثلن في بورتريهات للواحات أصلية ثمينة أمضى عمره في جمعها بمساعدة صديقه "بيلي" الذي عانى الأمرين جراء معاملة "فيرجل" القاسية له وتشكيكه الدائم في قدراته.
تبدأ القصة في أخذ منحى آخر حين يتلقى "فيرجل" اتصالا من فتاة مجهولة مريضة نفسيا، يدفعه الفضول إلى محاولته التعرف عليها واستكشاف غموضها، معاملتها الغريبة والغامضة له جعلته يحبها..
"فيرجل" الذي لم يحب قط ولم يقرب النساء خوفا منهن بدأ يتغير شيئا فشيئا للتقرب من حبيبته نراه يتخلى عن كل عاداته من أجلها، ليصبح كالطفل مفعم بالحب والحياة، أحبها لدرجة أنه كشف لها عن مخزن لوحاته السري، وقرر .التقاعد من المهنة التي يعشقها والتخلي نهائيا عن حياته السابقة فقط ليظل معها لآخر العمر
ويظل السؤال الأهم ما الذي يمنحنا الحب مقابل كل ما نخسره من أجله؟ ربما لا يمنحنا شيئا إطلاقا، لكنه يجعل لأبسط الأشياء معنى مختلف، فقد منح لـ "فيرجل" ما لم يعطه الغنى الفاحش والمركز المرموق،الحب وحده .يستطيع أن يجعل الحياة وردية.
كل شيء يمكن أن يكون مزورا..
ذلك الحب الذي يضيف الألوان لحياتنا يستطيع سحبها فجأة عند اكتشاف الخديعة يجعلها مظلمة كئيبة وينزع منها كل معانيها فنعود إلى حياتنا السابقة مجبرين ومهزومين.
فيرجل الذي أمضى حياته في تمييز التحفة الأصلية والمزورة لم يستطع كشف زيف حب حبيبته، كيف العكس ومن وضع خطة الانتقام صديقه المقرب بيللي؟ تكتشف عبر مشهد عبقري الخديعة التي تعرض لها فيرجل عند سرقة كل لوحاته من المخزن بخطة ماكرة كانت لابد أن تنجح، لأن "بيلي" استطاع اللعب بعقل "فيرجل" ليجعله .كالأرجوز ينفد ما خططه بالضبط
لا يمكن لأحد أن يخدعنا إلا إذا كان مقرب منا جدا فهو وحده من يعرف مواطن ضعفنا ونواقص أرواحنا، ربما يعرف أكثر منا ما نحتاجه حقا.
ربما أسوأ مرض هو العفة...
وما العمل بعد تجرع ألم الخيانة؟ يمكن لأي شخص آخر أن يحاول المضي قدما ونسيان الخديعة، لكن في حالة "فيرجل" ارى ان النهاية كانت أكثر منطقية، الشخص الذي عاش طوال حياته خائفا من مخالطة الناس والعلاقات العاطفية لن يستطيع النسيان بسهولة.
فتحول" فيرجل" من شخص قوي ذو هيبة إلى بائس حزين، رجل مهزوم وضعيف، في صراع مستمر بين عدم القدرة على تصديق مرارة الحقيقة والرغبة في استرجاع ذلك الحب، ومحاولة المضي قدما ونسيان ما جرى
لكن كيف يعود لحياته بعد ما خسر كل شيء؟ لوحاته، مهنته، صديقة، حبه، والأسوأ من ذلك روحه التي تحطمت كاللوحة التي سقطت من يديه عند اكتشاف السرقة، والتي تركها له صديقة "بيلي" لينهي بها خطته الانتقامية من الشخص الذي دائما كان سبب في تعاسته..
داخل كل شيء مزور شيء ما حقيقي..
كان يمكن لـ "فيرجل" أن يخبر الشرطة بما حدث، لكن وحدها الذكريات منعته من القيام بذلك
فمن الممكن أن الشيء الحقيقي في كل ذلك الحب المزيف هي الذكريات التي تركتها له حبيبته فاختار أن يعيش مابقي من عمره على امل بانتظار عودتها.
