حرمت جائحة كوفيد-19 عارضات الأزياء من منصات العروض وحرية الحركة، وفيما أفاد بعضهنّ من تراجع حدّة المنافسة، فإن جميعهن اشتقن إلى العروض الحيّة التي لا يوازيها أي بديل في إعطاء دفع لحياتهن المهنية.

لم يتوقف عمل كريستيل يامبايسا، في مرحلة الحجر الأولى في مارس الفائت، إذ إن العلامات التجارية، ومنها "مونوبري"، دأبت على إرسال الملابس إليها، وكان صديقها يتولى التقاط الصور لها، فترسلها إلى دور الأزياء التي تتعامل معها. ولاحظت أن هذه التجربة "نجحت" مع أنها كانت صيغة "مختصر" للعمل.

ثم سافرت إلى إيطاليا والسويد وبولندا لتصوير حملات إعلانية، وشاركت في باريس في مجموعة صور للمصمم إيسي مياكي.لكن المهنة لم تعد كما كانت.

وقبل أيام من أسبوع الملابس الجاهزة في باريس الذي يبدأ اليوم الإثنين ويقام بالصيغة الافتراضية مجدداً، سألت كريستيل مازحةً: "هل ثمة أسبوع موضة في بداية شهر مارس؟ لم أكن أدري إطلاقاً".

وهي تتذكر كيف كانت العارضات قبل الجائحة يَعشن على وتيرة أسابيع الموضة.

وروَت: "كنّا نبدأ بالإكثار من التمارين الرياضية، ونخلد إلى النوم في وقت مبكر لنكون في حالة جيدة عندما تبدأ عملية اختيار العارضات» قبل أسبوع الموضة في سبتمبر، وهو المحطة الأبرز. وأضافت: "من المهم للعارضة أن تفتتح أو تختتم عرضاً، فهذا يرفع تصنيفها فوراً. أحياناً كنا نرى وجهاً جديداً كل عشرين عرضاً".

أما في العروض المصوّرة التي باتت تبثّ افتراضياً فـ "لا يمكن التعرّف على العارضات"، على ما لاحظت. وتابعت قائلة: "حتى لو شاركت قي عرض مصوّر لدار مثل هيرميس، أعرف أنني سأكون ضائعة" بين العارضات الأخريات.

أما من الناحية المالية، فأجور العارضات المشاركات في العروض المصوّرة لا توازي تلك التي كن يتقاضينها. وقالت كريستيل يامبايسا: "كان مجموع ما نتقاضاه خلال أسبوع الموضة أربعة آلاف يورو على الأقل، وكانت حصيلة البعض تصل إلى 50 ألفاً. كان موعداً مهماً".

ورأت العارضة التركية أويكو باستاس، المقيمة في إسطنبول، أن التعايش مع الأزمة الصحية «صعب للغاية"، وهي التي شاركت خلال السنوات الخمس الأخيرة في أسابيع الموضة في باريس وميلانو ولندن ونيويورك.

وقالت: "لم أتقاضَ شيئاً في ستة أشهر". أما قبل الجائحة، فكانت تكسب ما بين ستة آلاف وسبعة آلاف يورو خلال أسبوع الموضة في باريس، ما كان يمكّنها من العيش ومواصلة دراستها. وأضافت: "كنت في تركيا (عندما بدأت الجائحة) وأغلقت كل الحدود، فيما توقفت القنصليات عن العمل".

ونظراً إلى أن في حوزتها تأشيرة أمريكية، تعمل أويكو منذ شهر في نيويورك، حيث تشارك في جلسات تصوير. لكنها أشارت إلى أن "ثمة جلسة واحدة فحسب في اليوم، وليس كل يوم، والأسعار ليست نفسها".ويستحيل على كثيرات ممن يعملن وفق عقود محددة المدة، قد تكون مدتها أحياناً يوماً واحداً فحسب، أن يتسجلن على موقع "بول أمبلوا" المخصص للعاطلين من العمل، وعدد ساعات عملهن على الأراضي الفرنسية ليس بالحجم الكافي الذي يخولهن الحصول على المساعدات، حتى بالنسبة إلى الأكثر نشاطاً بينهن.
انكماش

في الواقع، شهد قطاع الموضة الذي يتسم بطابع عالمي بامتياز، انكماشاً شديداً في ظل جائحة كوفيد-19.
وقالت سيرييل لالاند: «كوني فرنسية، أتيحت لي الفرصة لأكون في باريس وتمكّنت من العمل مع علامات تجارية فرنسية" قبل السفر إلى الدول المجاورة كإيطاليا أو إسبانيا.وأضافت: "لدي الكثير من الزبائن، حتى أن بعضهم جدد. وبما أن السفر غير متاح لجميع الفتيات، باتت العلامات التجارية تركّز بحثتها عن العارضات على المستوى المحلي».واضطر مصمم الأزياء جوليان فورنييه، إلى أن يستعين في اللحظة الأخيرة بعارضة من فرنسا لتصوير فيلمه في كانون الثاني/يناير، بدلاً من عارضة بيلاروسية لم تحصل على الإذن بدخول فرنسا، لكنّ المشكلة أن فساتين الهوت كوتور صممت خصيصاً لمقاساتها.

وأشارت كريستيل يامبايسا، إلى أنها تعمل "كثيراً" خلال الفترة الراهنة "كجميع العارضات السوداوات في باريس"، بسبب غياب العارضات السوداوات من الولايات المتحدة أو بريطانيا.

ولاحظت أن «كل فرق العمل فرنسية، وجميع خبراء المكياج في باريس فرنسيون، خلافاً لما كان عليه الوضع سابقاً، حين كان هؤلاء مزيجاً من الجنسيات، إذ كان بإمكان الجميع الحضور إلى فرنسا».
ولأن العارضات لا يضعن كمامات، فإنهن عرضة للإصابة بالفيروس، وقالت أربع منهن إنهن أصبن به بالفعل خلال أسبوع الموضة في باريس في سبتمبر الفائت.
وأشارت إيكاترينا أوزيغانوفا، إلى أن خبراء الماكياج هم الذين ينقلون العدوى إليهن، إذ إنهم غالباً ما يطبقون المستحضرات بأيديهم «من دون أن يعقموها كما يفعل الجراحون".

منذ ذلك الحين، أصبحت البروتوكولات أكثر صرامة، وباتت دور الأزياء تطلب من الجميع إجراء الفحص المخبري الخاص بفيروس كورونا قبل 48 ساعة من دخول موقع العمل.

وتخضع أويكو مثلاً لفحصين في الأسبوع، أما كريستيل فأجري لها حتى الآن 39 فحصاً.