نبه اختصاصيون نفسيون واجتماعيون من خطورة انكباب الأطفال حول الأجهزة الذكية، لا سيما مع بدء العام الدراسي، معددين المشاكل العضوية والنفسية التي يتسبب فيها إدمان الإنترنت وملحقاته على الأبناء.

وأكدوا لـ«الرؤية» أن هذا الإدمان يؤثر بصورة مباشرة على قشرة المخ الأمر الذي قد ينتهي بالإصابة بالصرع لا سيما عند الأطفال الذين لديهم استعداد لذلك، مشيرين إلى أن هذا الإدمان ساهم في ارتفاع نسبة السمنة لدى الأطفال.

وأشاروا إلى أن تأثيرات هذا الانكباب لم تتوقف عند الأمراض العضوية، بل تعدتها إلى المشاكل النفسية، حيث يؤدي إلى إصابة الأبناء بالوسواس القهري، والاكتئاب، والفصام، واضطرابات القلق والخوف الاجتماعي، وقد يشعرون برغبتهم في الانعزال عن العالم الحقيقي، مؤكدين أن هذا الإدمان يؤثر على تحصيلهم الدراسي الذي قد يصبح صفراً.

سمنة وصرع

حذر استشاري الطب النفسي بالأكاديمية الطبية العسكرية في مصر، الدكتور جمال فرويز، من انكباب الأطفال على الأجهزة الذكية، مشيراً إلى أن هذا الاستخدام المكثف بالطبع يؤثر عليهم، وعلى القشرة المخية، خاصة من لديه استعداد منهم للإصابة بالصرع، حيث تزداد نسب الإصابة مع زيادة التعرض.

وأشار إلى أن من لديه ضعف في العصب البصري، تزيد نسب الإصابة بالصرع كذلك مع الاستخدام المتواصل للإنترنت، كما يقل التركيز والانتباه، فيقل التحصيل الدراسي له، كما يصاب الطفل بزيادة السمنة.

ونبه فرويز إلى أن الآثار السلبية العائدة على الأطفال ليست عضوية فقط، بل نفسية وسلوكية أيضاً، فما يراه من محتوى سواء بالصدفة أو عن عمد من زملائه، يدمر ما تقوم به الأسرة، فالمحتوى الذي يشاهده، يدخل في الخلفية الذهنية، فلو شاهد فيديو أو كارتون يتحدث عن المثلية الجنسية، أو عن السرقة، وبعض الألعاب، قد يأخذ هذه الأمور على أنها طبيعية فيقلدها.

وحذر من التراشق اللفظي الموجود على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنه يؤثر على الطفل، وكذلك المعلومات التي يتعرض لها على هذه الوسائل، وهي معلومات أغلبها غير صحيح ومزور، لذا تكون الكثير من معلوماته والخلفية المعرفية المتكونة لديه مغلوطة، فوسائل التواصل الاجتماعي تعلمه أشياء تتناقض مع تلك التي يتعلمها من والديه ومغايرة لها، فيتولد لديه صراع نفسي، وتتولد لديه إحباطات ومشاكل نفسية.

اكتئاب ووسواس

ولفت فرويز، إلى أن هناك أمراضاً لها جينات وراثية، حيث تزداد إصابة الطفل بهذه الأمراض إذا كانت لديه الجينات الوراثية الخاصة بها، ومن هذه الأمراض التي يمكن أن تنشط مع التعرض للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي: الوسواس القهري، الاكتئاب، والفصام.

وأشار إلى أن العديد من الدراسات النفسية أثبتت وجود تأثيرات سلبية نفسية، وخطورة كبيرة على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً لدى الأطفال والمراهقين، ورغم ذلك هناك العديد من الأسر تسمح لأبنائها باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي بصورة كبيرة ودون حدود أو ملاحظة أو متابعة ما يراه أو يتلقاه الأبناء من أفكار تبث في عقولهم.

خوف اجتماعي

ترى استشارية الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، الدكتورة هند البنا، أنه وفقاً للعديد من الدراسات النفسية، فإن الأطفال والمراهقين يعانون نتيجة الاستخدام المتواصل لوسائل التواصل الاجتماعي من بعض الاضطرابات النفسية أو الشخصية، على رأسها اضطرابات القلق والخوف الاجتماعي، وكذلك الاكتئاب، فقد يشعرون برغبتهم في الانعزال عن العالم الحقيقي، والشعور بالخوف من المواجهة الاجتماعية على أرض الواقع، بالإضافة إلى مشاعر القلق الدائم، وأيضاً انخفاض مفهوم الذات نتيجة للمقارنات.

وأشارت إلى أن هناك بعض التطبيقات على مواقع التواصل الاجتماعي ذائعة الصيت، تعتمد على الصور أو مقاطع الفيديو الصغيرة، وهو ما ثبت علمياً أضرارها النفسية والاجتماعية، وتأثيراتها السلبية على الصحة النفسية، حيث إن التطبيقات التي تعتمد على عرض الصور لها تأثير كبير في انخفاض صورة الذات، نتيجة للمقارنات، يليها عدم القدرة على التواصل الاجتماعي الحقيقي والتفاعلات الاجتماعية، ما يؤدي إلى إصابة الطفل بالقلق أو الرهاب الاجتماعي.

تغييب الانتباه

وأوضحت البنا، أن تعامل الطلاب والأطفال المستمر مع الإنترنت، يؤثر على تحصيلهم الدراسي، فاستمرار الأطفال والمراهقين في متابعة السوشيال ميديا لفترات يؤثر على الانتباه والتركيز، وقد يسبب حالات من نقص الانتباه والتشتت، لاعتمادها على النمط السريع في عرض الأفكار والمعلومات، لذا قد تكون سبباً في صعوبات التعلم أو التركيز والانتباه، والتحصيل الدراسي الجيد.

وتابعت، أن الأكثر خطورة هو تأثيرات السوشيال ميديا على تكوين الأفكار والمعتقدات، فعلى الرغم من أهمية التعرف على الثقافات المختلفة والاطلاع عليها، إلا أن ذلك قد يكون من الصعب على الأطفال والمراهقين، حيث صعوبة التمييز وفلترة ما يتناسب مع مجتمعاتنا العربية وثقافتها.

مجرد ناقلين

حذر خبير الطب النفسي، وتعديل السلوك، الدكتور طارق إلياس، الأسر من ترك أبنائها فرصة التقرب من الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لفترات طويلة، على اعتقاد منها أن ذلك وسيلة ترفيه، وهو الأمر الذي يعود عليهم بمزيد من الأضرار والتأثيرات السلبية، حيث يقلل من الإبداع لديهم، ويجعلهم يتناقلون جملاً وعبارات ومعلومات دون بذل مجهود، ودون التأكد منها، ما يجعلهم ناقلين، وليسوا مؤثرين أو مبدعين، كذلك يعطل تفكيرهم.

وأضاف" إلياس: إن ملازمة الطلاب والأطفال للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، يخلق حالة من الصمت لديهم، مما يجعلهم غير متفاعلين، وغير متجاوبين مع أي حوار يدور حولهم، وخاصة داخل الفصل الدراسي، والتعامل مع المدرسين، حيث يقلل من قدرتهم على إجراء حوار سواء مع أقرانهم أم معلميهم.